-->

السفارة فى العمارة - مقال نقدي

السفارة فى العمارة - مقال نقدي
    واحد من أفلام (عادل أمام), التى تبثها القنوات الفضائية بشكل دورى,
    وأحد الأفلام التى أثارت دوما سخطى لأسباب عديدة منها ...

    كاركتر(عادل أمام) المعتاد, بثنائية النساء والخمر التى تشكل راكور شبه ثابت له فى معظم أفلامه, وهى صيغة ربما يرى هو أنها ترضى الدهماء والعامة, الذين ينادون به زعيما للفن.
     السيناريو الردئ لـ (يوسف معاطى) أشبه بباب ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. فمن السطح نظن أنه مناهض لفكرة التطبيع مع (اسرائيل), ولكن قليل من التعمق يرينا ما هو أفدح. 
      
    فالفتاة التى تقود المظاهرة(داليا البحيرى), فتاة سهلة تذهب مع آى أحد بسهولة, بل وتدعوه الى بيتها. لاحظ ان المتلقى/المشاهد سوف يقوم تلقائيا بأسقاط هذا النموذج على كافة المتظاهرات.
     ويزيد السيناريو الطين بله حين يقدم لنا أسرتها, فالأسرة المفترض أنها مكونة من مثقفين أكادميين, نراها أيضأ من الداخل حفنة من شاربى الخمر المنحلين أخلاقيا , مرددين شعارات جوفاء, ولى عصرها. بالأضافة الى خلط واضح لكل التيارات المعارضة والمناهضة للتطبيع فى مصر.
                                                                
    عادل امام

      التأكيد على سطوة الأمن فى مصر, وهى من النقاط التى تروق للرقابة فى مصر. فالأمن يملك عصا موسى القادرة على فعل كل شئ كما فى موقف (الفطاطرى) الذى تنكر لمبادئه فى سهولة بالأمر طبعا. وصديق البطل (سعيد طرابيك) الذى عادت له زوجته وأولاده بمكالمة هاتفية من الباشا (خالد زكى). أيضأ اصلاح وترميم الشقة فى ساعات, بعد اصابتها بصاروخ كان موجها للسفارة فى الأساس. بل وصلت السذاجة منتهاها بأحضار الطعام والشراب والمخدرات للبطل وأصدقائه, وهو ثمن هين للتغاضى عن سفارة دولة لها باع طويل فى الأجرام, على مدى أكثر من سته عقود تجاه كل ما هو مصرى وعربى.

     ظهر (لطفى لبيب) فى دور السفير الأسرائيلى, كشخصية جذابة بما يوضح للمشاهد, كيف ان الأسرائيلين أشخاص طيبين للغاية, ولكنها الظروف التى جعلتهم يحتلون بلد عربى كامل, ويعتدون عسكريا على لبنان, العراق, سوريا, تونس, ومصــــر.

     ركز الفيلم على انه مهما كان حجم الرفض الشعبى والانسانى لاسرائيل, فان علاقتها بمصر وفق اتفاقية (كامب ديفيد) لا تخضع لنقاش, وسوف تظل كما يريد النظام, حيث ان هذه موضوعات "سيادية", لا قبل للغوغاء بفهمها, فما بالك بمناقشتها. وهو محق بالطبع, فكيف لنا ان نفهم كيف يدعم النظام المصرى الحالى-وقت كتابة المقال- اسرائيل بتصدير الغاز اليها, أو بالأحضان الدافئة المتبادلة بين الرئيس المصرى, ورئيس وزراء اسرائيل "المنتخب" فى أعقاب كل مجزرة ترتكبها الآلة العسكرية الوحشية التى تملكها وتديرها اسرائيل.

     تبقى النقطة الوحيدة الصحيحة فى الفيلم, من وجهة نظرى طبعا, وهى التى تؤكد ان قوة اسرائيل مستمدة من ضعفنا, وبرز هذا فى مشهد تخاذل البطل وتنازله عن دعوى طرد السفارة من العمارة, لقيام السفارة بتصويره فى أوضاع مخلة بالشرف, بعدها يرحل البطل عن مصر, ولسان حال النظام يقول للناس, اما ان ترضوا بسيادتى المطلقة, أو لتذهبوا الى الجحيم.

    لكن الناس أثبتت انها أقوى من النظام, فلم تذهب للجحيم, بل توجهت للأعتصام فى ميدان التحرير, حتى أزاحت رأس النظام نهائيا من الحكم, وبقى ان يتطهر الشعب ويصبح قيمة منتجة, ليقدم لنا أفلام أرقى من هذا الفيلم.
    ـــــــــــــــــــــــــ
    سبق نشر هذا المقال منذ عدة أعوام على موقع مصراوى.


    حازم سويلم
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع شاى بلبن .

    إرسال تعليق