-->

رحلة لمصنع البيبس و5×7=25..

رحلة لمصنع البيبس و5×7=25..
    مش عارف ايه اللى خلانى أفتكر مساؤى التعليم المصرى، وضرره الكارثى على المجتمع الان.. لكن يبدو انه موضوع صالح لكل وقت.

    من ذكرياتى التى لا تنسى عن المرحلة الإبتدائية هى رحلتنا الى "مصنع البيبس" أو البيبسى كولا، وكان يبعد عن مدرستنا مسافة محطة واحدة، فعليه قام المدرسان المشرفان علينا بتقدمنا مشيا وتبعناهم نحن بالطبع فى غاية الإنبهار.. الموضوع بالنسبة لنا كان يقترب من زيارة ديزنى لاند.. 

     قابلنا العاملون بحفاوة، نظرا لحداثة عمرنا وقتها، تجولنا بين خط الإنتاج بينما أحد مشرفى المصنع يشرح لنا الطريقة التى يتم بها غسيل الزجاجات، ومن ثم ملئها من جديد وأخيرا وضع الغطاء المعدنى على قمتها بشكل آلى بسيط بعيد عن آى تعقيد. بعدها يقوم العمال بحمل صناديق السائل الأسود الى العربات التى تقوم بالتوزيع. طبعا تم هذا وسط طوفان من زجاجات البيبسى التى يقدموها لنا، فيما يشبه رشوة مقنعة طفولية للإستعداد للعيش على النمط الأميركى الرأسمالى التى تاهت فيه مصر ومازالت..

    رحلة لمصنع البيبس و5×7=25..


     عدنا ثانية الى المدرسة ولما كان موعد الإنصراف الفعلى قد حان، لذا صرفونا من عند باب المدرسة الى بيوتنا، مما زادنا سرورا.. فى اليوم التالى طلب منا المدرس ان يقوم كل منا بكتابة تقرير من صفحتين على الأقصى حول زيارة الأمس، مع الوعد بجائزة قيمة -قلم جاف أو شئ مثل هذا- لأحسن تقرير... العبد لله مسك القلم وكتبت تقرير مفصل بلغة بسيطة وخط واضح حول زيارة الأمس، وكنت أول من سلم تقريره وسط زملائى. جمع المدرس كل التقارير وغادرنا. فى الحصة التالية وبينما انا جالس فى الدكة، صعدت واحدة من الموظفات -كانت تعمل بالشئون الإدارية- ومالت على الطالب الذى يجلس أمامى مباشرة وهى تعطيه صفحتين منزوعتين من كراسة أحدهم وتطلب منه بهدوء ان يقوم بكتابتهم بخطه ويسلمهم لها سريعا..

    بالطبع كما لا بد انك توقعت، كان هذا تقريرى الخاص الذى كتبته منذ دقائق، رأت إدارة المدرسة ان الأفضل ان يكون صاحبه والفائز بالجائزة هو طالب فى المدرسة يتميز عنى بأنه شقيق لواحدة من المعلمات.. أكثر ما يدهشنى كلما تذكرت تلك الواقعة؛ هو اللامبالاة التى تعاملت بها أنا مع الأمر، لم أحاول الأعتراض بآى شكل أو حتى التلميح للفتى أننى أعلم وكآن الأمر لا يعنينى من قريب أو بعيد.. 

    من المواقف العبثية التى عاصرتها أثناء دراستى فى المرحلة الإبتداية وتصلح مدخل للذهنية المصرية فى الثلاثين عام الماضية، هى واقعة أدعوها "جدول الضرب".. كنا فى حصة "حساب" أو رياضيات كما يطلق عليه الان. وعلى السبورة كتبت "المعلمة" من ضمن ما كتبت
    5×7= 25

    رحلة لمصنع البيبس و5×7=25..


    بالطبع هى أخطأت سهوا فى كتابة الناتج، فكتبت 25 بدلا من الناتج الصحيح وهو 35..
    كنت وقتها أجلس فى مؤخرة الفصل، على غير عادتى ولم أهتم بالنظر الى "السبورة" وكنت أحفظ جدول الضرب كاملا فقمت بكتابة المسألة من ذاكرتى فى الكشكول كما ينبغى ان تكون آى:
    5×7=35

     حين جمعت منا المعلمة الكراسات من أجل تقيمها، فؤجت بها تتهمنى بالغش من الكتاب، لأننى كتبت الناتج بشكل صحيح –كانت قد أنتبهت لخطأئها وصححته- ولم تقتنع اننى كتبتها من الذاكرة بشكل صحيح.. واننى لو كنت أتابعها ولا ألعب لكنت كتبتها كما هى طبقا للمكتوب على السبورة، وعليه تم عقابى بعدة ضربات بالعصا على يدى.. ولله الأمر من قبل ومن بعد، عمار يا مصر.
    حازم سويلم
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع شاى بلبن .

    إرسال تعليق